Saturday, July 12, 2008

مصر حزينة ياريس !!!



إن لم تحزن مصر فأي دولة بعدها تحزن ؟ إن لم يحزن شعب مصر المعجون بطينة الهم،ومياه النكد التي تنغص كل عيش، وتكدر عليه كل صفو إذ لا يكاد يبرأ من علة حتى تهاجمه علل وأدواء،بهذه الكلمة بدأ الطالب حواره الموجه إلي دولة رئيس الوزراء ، مصر حزينة ياريس، لقد كان موفقاً إذ لامست الكلمة شغاف القلب ، وتفاعلت معها النفس لأنها أخرجت منها آهاتٍ ٍوأوجاعاً، مصر حزينة ياريس، وحق لها أن تحزن، لأنها لم تنصف يوماً، ولم ير أبناؤها الراحة على مدار أعوام متتالية ومتتابعة، مصر حزينة لكنه حزن معجون بطينة الأمل الذي يبدد الغياهب ، ويحرك الضمائر ويوقظ النفوس، وحُق لها أن تحزن، حُق لشعب اعتاد الحزن، وتمرس الهم،والتحف المشقة،وتجرع الحرمان، وذاق الغلاء، وضربه أبناؤه في مقتل قبل مخدع،تحولت الابتسامة المعهودة على المصري في لحظات الضيق والشدة ساخرة من الأهوال إلى حزن حقيقي، بتنا على ظمأ وفينا المنهل، باتت جراحاتنا مستعصية على الأطباء ورجال الساسة الذين انشغلوا بكراسي محطمة، وتمسكوا بتلابيب سلطان سرعان ما يهوى ويخلف وراءه مالم يكن يوماً في الحسبان، حق لمصر أن تحزن لأن الحزن دواؤها، ولأن الألم نشيدها، لكن في طيات الحزن يأتي يوم قريب بدت علاماته، واتضحت إرهاصاته بأصوات الشباب الذين تحركوا في كل موقع، ودخلوا كل بيت وباتوا لا يرهبون رجال أمن، ولا يفزعون من أصوات مخبرين، استهانوا بكل شيء، أعادوا مصر إلي زمن كانت تطلع فيه الحرية فكان الشعب كله لحمة واحدة في مواجهة عدو واحد هو احتلال غاشم جثم على الصدور واستباح الحرمات، فكان الشباب هم وقود التحرير واليوم أري الشباب وما أنا منهم ولا عنهم بغريب أوبعيد، أري الفتيات يطرقن الأبواب ودوافعهن واحدة، وطن حر ، آمن مهما كانت التضحيات، صحيح أن الثمن لا يدفعه إلا من هم في الميدان لكن الكل يتحرك، والغليان يطوف على كل بيت، وفى كل حارة وشارع، وعلى ألسنة الأطفال والرجال والنساء، فناقوس يدق ينذر بحالة غير مسبوقة، تحول سحابات الحزن إلى غمائم رحمة وإلى خير يعم الربوع بعد طول جفاف..مصر حزينة ياريس لكنها تحمل تحت ثياب الحزن أثواب أفراح متلاحقة يحملها أبناء الوطن الذين هم اقدر على التغيير ، إنها قلوب مدحها الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم حين قال "استوصوا بالشباب خيرا فإنهم أرق أفئدة..وقد جئت بالحنيفية السمحة فحالفني الشباب وخالفني الشيوخ" إنهم الرصيد الذي تبني به الأمة مجدها، وتسترد به كرامتها وعزها السليب، إنهم سبيل التغيير، وهم حراك المجتمع مهما صغرت سنهم أو كبرت وإني لأنظر إلى غلامين كان لهما دور بارز رواه الصحابي الجليل عبدا لرحمن بن عوف رضي الله عنه " إني لواقف يوم بدر في الصف فنظرت عن يميني وعن شمالي فإذا بغلامين من الأنصار حديثة سنهما فغمزني أحدهما وقال "يا عم هل تعرف أبا جهل بن هشام؟"..قلت نعم وما حاجتك إليه يا ابن أخي؟..قال "بلغني أنه يسبّ رسول الله، والذي نفسي بيده لئن رأيته لا يفرق سوادي عن سواده حتى يموت الأعجل منا"...وغمزني الآخر وقال لي مثل ما قال الأول..تطلعت فرأيت أبا جهل ودللت الغلامين عليه فسارعا إليه وابتدراه بسيفيهما فضرباه فصرعاه فخرّ بين الحياة والموت. لقد عرفا دورهما، وأدركا عظم الأمر المنوط بهما فكان تحركهما، وهكذا يتحرك الشباب وحذار من الاستهانة بعقولهم أو إغفال دورهم والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

د.إيهاب فؤاد

No comments: