Sunday, July 6, 2008

النكبة جرح غائر


لم تكن النكبة سوى إعلان عن أمة تركت جسدها ليتمزق أشلاءً على أيدى المغتصبين، ولم تكن سوى مؤامرة ساهم فيها العالم بأسره ليغرسوا ذلك الورم الخبيث في جسد هذه الأمة حتى لاتقوم لها قائمة، لقد تمزق الجسد بعد النكبة، وأصبح الثوب مهلهلاً ، بل لم يعد يستر، وسقطت عن الأمة آخر ورقة توت في لحظات من السبات العميق، لم يأت الأمر بمحض الصدفة، لقد جاء يوم تآمروا على كتائب المجاهدين فلسطين وصدرت الأوامر بعودتهم من ميدان الجهاد ليودعوا السجون والمعتقلات بدلاً من أن يرفعوا على الأعناق ، لأنهم كانوا يدافعون عن فلسطين، وأعني أنهم كانوا يدافعون عن شرف هذه الأمة وعزها السليبلم تكن النكبة وذكراها سوى غصة في حلوقنا، ومرارة في أفواهنا ونحن نترحم على زمن العز والفخار، ونحن نبكي زمن الجهاد، ونحن نسمع صراخ الأطفال، وبكاء الثكالى وهم يصرخون في عالم أصم أذنه، وأغمض عينه عن بقعة غالية يجري حبها في دمائنا مجرى الدم من العروقلم نعد نعرف مَنْ نبكي وعلى أي شئ نبكي يا فلسطين ؟؟هل نبكي من أُجبروا قسراً على ترك ديارهم وأوطانهم، وعلى ترك أشجار الزيتون التى ذبلت أوراقها وعاشوا في أرض الشتات، وافترشوا المهجر على مافيه وطناً وهم يحملون بين جنباتهم حلم العودة إلى حضن فلسطين الدافئ، وهم يشمون ثرى الأجداد الذى فرط فيه المتآمرون فأذاقوا الأمة بفعلتهم كأس الذل والهوانإن القلوب تحن إلى الوطن كحنين الطيور إلى أوكارها،وحنين الرضيع إلى ثدي أمه التى افتقدها وعاد لها بعد طول بكاء وكثرة صراخ..لا أدرى على من نبكي وقد عز البكاء، وقد تحجرت الدموع في العيون..هل نبكي في ذكرى النكبة على شعب يتآمر العالم بأسره، ويذوق الهوان على يد ابناء جلدته؟هل نبكى على مجاهدين أشاوس ترقبهم العيون الخائنة، وترصد حركتهم تيارات الغعدر والخيانة ؟هل نبكى على أطفال يتضورون جوعاً وخزائن أمتنا ملآى، هل نبكى على بيوت خاوية وبيوتنا متخمة؟هل نبكي شهامتنا؟هل نبكي رجولتنا ؟هل نبكي وحدتنا ؟هل نبكي أخوتنا ؟هل نبكي حلماً تحاصره العواصف ،وتحيط به المدلهمات، أم نحمل في أيدينا بوراق النور لنحيي الأمل في نفوس أبنائنا ومن سيأتون من بعدنا بأن فلسطين ستعود وإن طال الأمد،وأن ليل البغي سيزول وإن ظن المتخاذلون أنه أصبح من المحال بحال..لم يعد لنا سوى الدموع ، ولم تعد جيوبنا ملآى سوى بالصراخ والنعيق..من لم تختلط روحه بروح الأرض، من لم يُصغ إلى صوت الناعورة،وحفيف الأوراق، وخرير جداول المياه لايعرف معنى الوطن،من لم يعرف للحرية معنىً لا يعرف معنى الوطن، من لم يذق حنان الأم ولهفتها لفراق وليدها لا يعرف طعم الوطن،من لم يذق طعم الأمن لا يعرف طعم الوطن، من يستوي في يده التبر والتبن لايعرف معنى الوطن، من لم يسكن الحارات والأزقة، ويشم نسيم الأزهار مع طلعة كل صباح لايبكي على الوطن..من يضع يده في يد مغتصب على حساب أرضه وأمته، وتاريخه لايعرف معنى الوطن..من لم يذرف الدمع على الشهداء، ومن لم يحزن على الوطن لا يعرف معنى الوطن...قدرنا أن نحمل الهموم قبل الأون، وأن نشيب يا أختاه قبل المشيب،وأن نولول لأن هذا مافي اليد على ضيق ذاتها، لكننا نعرف معنى الوطن، نعرف قيمة التاريخ في مهد الرسالات، ومهبط الوحي وارض النبوات، في أرض الرباط التي نحِنُّ إلى ثراها الذي نذوب فيه حباً رغم أننا لم نرهونتألم حين يتألم الأقصي وينادي المسلمين ولا أحد يجيب..في كل يوم تنزف جراحنا، ويتخلط الدم بالعظم وإخواننا هناك محاصرون وأيدينا مغلولة عن نصرتهملا أعرف كيف نطيق أن نسرج قنديلاً والظلام يلفهم، أو كيف نهنأ بالعيش وهناك أبطال لا ينامون، اسهروا ليلهم، وكدوا في نهارهم، لكنها بشريات التمكين ويكفينا أن يمسح الرسول صلى الله عليه وسلم على قلوبنا جميعاً بهذه البشرى العظيمة في ؤواية مسلم لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلكوفي رواية أخرى لمسلم لن يبرح هذا الدين قائما يقاتل عليه عصابة من المسلمين حتى تقوم الساعة.ولعل ذلك يريح القلب ، ويحيي الأمل في النفوس بعد مواتهاد.إيهاب فؤاد

No comments: