Tuesday, November 17, 2009

ابتسم يا هذا !



على ضفاف الذكرى ترقد أيامنا عطشى لزمن كانت الابتسامة فيه منبعَ حياة، كنا نركض لا نحمل للدنيا هماً، ولا ينغص عيشنا سوى الحرمان من اللعب فذلك أقسى عقاب يمكن أن يناله طفل، تعلَّمنا أن نبتسم ليبتسم كلُّ شي من حولنا، ولتبتسم لنا الحياة، وما أقسى قلوب أولئك الذين يودعون الابتسامات غياهبَ الجُب، يتجهمون حين ينزل الفرحُ ساحتهم،لا تفارق الوجهَ العبوسَ ملامحُ الغضبِ الدائم، وأمام تلك الصورة تستوقفنا صورة أناس يُرغمون أبناءهم على الابتسامة للحياة، إنهم يصنعون ابتسامة أشبه في صياغتها بوردة صنعها الصانعون بأيديهم، إنها لا تضارع وردة الروض التي أبدعها خالق الكون العظيم، نتساءل حين تغيبُ البسمة متعجبين ولا نبحث عن أسباب غيابها، ربما لو فتشنا عن سبب الداء، لَعَنَّ لنا الدواء، لماذا لا نعيش سيرة أشرف الخلق محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم؟ لقد كان يحمل هم الدنيا بأسرها، ويشغله أن يُعبِّدَ الأرض لله رب العالمين، غزواتٌ تلو غزوات، أحداث ومؤامرات، وهو مع هذا زوج محب، وأب رحيم، وصديق ودود، يهابه ويُجله من يجالسه أو ينظر إليه، حتى قال عمرو بن العاص رضي الله عنه فيما رواه مسلم: ( وما كان أحد أحب الىّ من رسول الله صلى الله عليه وسلم , ولا أجلّ في عيني منه وما كنت أطيق أن أملأ عيني منه إجلالاً له , ولو سُئِلت أن أصفه ما أطقت لأني لم أكن أملأ عيني منه ) .، نسمات علوية تهز أعطاب النبات، ونسائم أنقى من الماء الفرات، لقد كان مع شغله مبتسماً، وهو القائل": تبسمك في وجه أخيك صدقة،لقد كانت يتعامل مع المواقف بابتسامة رقيقة، وقلب يملؤها حب الله جلَّ وعلا، كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب يوم جمعة ، فقام الناس فصاحوا وقالوا : يا رسول الله قحط المطر ، واحمرّت الشجر ، وهلكت البهائم ، فادع الله أن يسقينا ، فقال( اللهم اسقنا ) مرتين ، فنشأت سحابة وأمطرت ونزل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن المنبر فصلى ، فلما انصرف لم تزل تمطر إلى الجمعة التي تليها ، فلما قام النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب صاحوا إليه : تهدمت البيوت ، وانقطعت السبل ، فادع الله يحبسها عنا ، فتبسّم النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم قال : ( اللهم حوالينا ولا علينا فما يشير بيده إلى ناحية من السحاب إلا انفرجت ، فجعلت تمطر حول المدينة ولا تمطر بالمدينة معجزةً لنبيه - صلى الله عليه وسلم - وإجابةً لدعوته لقد كانت الابتسامة ولا زالت رسولاً للقلوب . لماذا لا نجعل لنا ورداً من الابتسام، وقسطاً من الراحة، لا نطيل حتى لا تكون مقعدة، لكنني أقصد أن نستريح من أعباء الحياة، وأن نُطلِّقَ هموم الدنيا، وأن نتعالى فوق ما يواجهنا من صعاب ، وأن نسلم لله زمامَ أمورنا، إن أقبلت الدنيا أو أدبرت، وإن أضاء الكون أو أظلم، وإن نزل البلاء أو حل الرخاء، لنبتسم لما يصيبنا، ولمن آذونا، ولمن أساءوا إلينا، أليس ما عند الله خير وأبقى؟