Wednesday, September 21, 2011

رسائل الأشواق 1





تسكبني في كفوف الندي أشواق
وتمطرني زخات من الذكرى، تبلل حنايا نفسي
وتغسل وجع القلب فتحيل الألم أملاً منشودا...
أحمل حقيبة أوراقي، أفتش بين جيوبها الفارغة عن عبق ربما تسلل خلسة دون أن أدري كي ألتقطه بأصابعي، تتعثر يدي في مبضع فيدمي أصابعي، أخرجها كي أضمد جراحاتها، أنثر على دروب الزمان عطوراً فواحة، وأحمل للمهمومين بلسماً لجروحهم ودواء لنفوسهم...
أحلق في سماء الشوق، في غيوم الشتاء البارد، أتنسم عطر أيامي فأرسل مع كل نبضة من قلبي رسالة شوق، تسقط معها العبرات ساخنة فوق صفحات الورد
فتجيبني نفسي الحائرة، ولساني الشغوف ، وأذني المتشنفة بكلمات الهوى، أما آن لك أن تستريح !
أما آن لهذا القلب أن يأخذ قسطاً من الراحة بعد عناء السنين !
كيف الراحة لقلب يتنسم عبير الشوق أغنية جميلة !
إنَّ الراحة السرمدية في دنيا الناس وهمٌ وخداع سراب، ولعلَّ ما يعتري القلب من أوجاع، وما يلم به من أفراح وأتراح تجدد فيه الدماء ، وتضخ فيه الحياة...
في معترك الحياة أناشيد من الألم، وترانيم من السعادة تهوي إليها أفئدة الناس مستشرقة الأمل في عمر جديد، وحلم بعيد لايستوي فيه الأمران، شتان بين من يتعب قلبه باحثاً عن وهم كاذب، وبين من يريح القلب استراحة المحارب ليبدأ مع كل صباح حياة جديدة بروح جديدة، وهمة عالية..
لا تتوقف عجلة الحياة إلى ما شاء الله لها أن تسير، لكنَّ الذين يستسلمون يوقفون العجلة، ويسبحون ضد التيار، فلا هم يصلوا إلى شواطئهم ، ولا هم ينجون من الغرق في خضم هائل، وبينهم وبين الراحة بون شاسع، ومسافات يُطْوِى العمر ولا تدرك، وتنقضي الحياة ولا تنقضي آمالهم، وتبقى رسائل الأشواق تترى..
د.إيهاب فؤاد

Saturday, September 10, 2011

باردة غربة هذا الصباح




باردة غربة هذا الصباح


قاسية في هوائها، وصقيعها، تلفح أيامي فأنتفض كالعصفور الطريد، كلما حط رحاله هدَّه الشوق


وأرَّقه الضني، وتلاعبت بحريته وسكونه سهامُ صيادٍ متربص


لأول مرة أشعر بغربتي ووحشتي


آلام تمطرني تتسلل بين جلدي وعظمي، تنزف من عيني دماً، وتحرق بقايا الأخضر في حياتي


تلاحقني أسراب الهم وتطاردني عناكب الدهر، أطوف في زوايا نفسي


تطاردني غمامة شتاء بارد تبحث عن وطن تطرح فيه مافي جعبتها في ليل دامس وظلام حالك تبحث عن تباريح من فجر النهار


أشتاق إلى مرتع خصب، وإلى واحات الأمل ، كلما داهمتني علل الأيام وأسقامها أتذكر وقع أيام نهشت بأظافرها براءة طفل


واقتلعت بعنفوانها ذكريات مرَّت بحلوها ومرها، أريج فواح من الذكرى، ونسيم عليل يهدأ روع أيامي


مؤلمة تلك الغربة لكنها حين تصبح ذكرى تخضر في ربوعها أيامي


ويدر ضرع ساعاتي


أشتاق إلى هدوء الليل، ويهيج قلبي ضوضاء الطفولة وعبث الصغار وصراخهم


أتساءل، ترى ما الإنسان بلا ذكرى، بلا أمل، بلا حلم، بلا حقيقة؟

إذا كانت الغربة مؤلمة فيكفيها أنها لملمت بقايا نفسي، وأخلدتني إلى حيث أحب وأهوى

إلى قلم يرقص طرباً على صفحات الورق، ويختال فرحاً حين يصافح

عبير السطور

أنتشي حين يسيل دمع العين ويهيج النفس


ما أدرى بأيهما أفرح، بدمع عين جف ماؤها ثم سالت بعد جفاف


أم بشوق لأحباب مضوا وخلفوا وراءهم ذكرى كلما طاف ذكرهم


وعانق درب أيامي قلب مواجع الأيام وصخب الليالي إلى واحة غناء


آه يا برودة الغربة، ولفح الشوق والحنين


لم تعد تسعفني الكلمات، اشعر أن ربانها قد شاب قبل المشيب


وانها قد بلغت أرذل العمر


قد يجف الضرع لكنه سرعان ما يدر، وقد يخضر اليابس في ربيع الأيام كل عام


لا أعرف سبباً لهذا سوى رغبتي الملحة في أن أكتب لعلي أبلغ الخيط الأبيض بعد ظلالم الليل

وأمسك بخيوط الشمس الذهبية

أشتاق إلى الصباحات الجديدة، وإلى غابر الأيام وإلى الانعتاق من قيد الأيام


د.إيهاب فؤاد