Monday, December 6, 2010

هذي جعبتي فرغت




يادرة الحسن هذي جعبتي فرغت
فالشوق في ذاتي كيف يُحتملُ
قوافلُ الحسن قد مرت بناحيتي
فما شغلت بغير الدين أحتفل
خواطري من لهيب الشوق قافية
ونار حزني على الإسلام تشتعل
قوافل الطهر قد فرت بقسورة
وزاد إيلامي دعاة الدين منتحل
في كل زاوية أقلام تنتصب
تهجو الخلوق وتزدري الوجل
أكفكف الدمع أخفي لوعتي أملا
وأحمل الخير علَّه يصلُ
ماذا أقول وفي قلبي صبابته
ودمع قلبي بخد الحزن ينهمل
ماذا أقول لولدي حين يسألني
عن الديار وقد حلت بها العلل
صبراً بني فإن الله ناصرنا
حتماً سيزوى من به خلل
غداً ستشرق فوق الأرض أمتنا
غداً تغرد فوق الدوح تشتمل
د.إيهاب فؤاد

Sunday, December 5, 2010

إنهم يحرقون أغصان الزيتون




بقلم: د. إيهاب فؤاد

لقد بتُّ من ليلتي وكأنَّ البكاءَ فالق كبدي، لا تهدأ لي عين، ولا يفارقها دمع، يقيمني الهمُّ ويقعدني؛ لا من أجل لعاعة من الدنيا، وإنما لحال وطن ملك علينا النفس والروح، عشت ليلةً أشبه ما تكون بكابوس يؤرِّق النوم، ويفضح المستور، رأيت الحرية تُغتال، وربما لم يكن هذا مستغربًا على وطن محبوس منذ ما يزيد على ثلث قرن من الزمان، صلينا مع من صلوا، ودعونا مع من دعوا؛ أن يرفع الله الغمَّة عن مصرنا الحبيبة، حتى باتت أحلامنا أقرب للإمساك بخيوط الشمس منها إلى الحقيقة الواعية!.

لقد عزفت عن الكتابة حتى أقضَّ مضجعي مشهدُ تزوير إرادة الأمة واغتصاب حريتها؛ ليخرج من بين فرث ودم برلمان، يخلو من صوت المعارضة الذي يحمل نبض الشارع، كنت أتوقَّع تسويد البطاقات، وتزوير الإرادة، لكنْ لم يخطر لي ببال أن تكون إلى هذه الدرجة المقيتة، بقدرة قادر يتحول الحزب الذي أتاهَ مصر في غياهب الديون، وأهدر أحكام القضاء، واغتال الحرية عن عمد، ودمَّر الصحة العامة، وأغرق الشعب المسكين في البحث عن لقمة العيش، ومن لم يجد في وطنه لا هذا ولا ذاك، التمس وطنًا غير الوطن، يشعر فيه بآدميته، ويرى فيه مكانه، يتجرَّع آلام الغربة، لكنها تهون إذا ما كان الوطن كابوسًا مفزعًا، وإذا ما كانت لقمة الحرية عملةً نادرةً فيه، وتساءلت- ومعي تساءل الشرفاءُ من أبناء هذا الوطن: لماذا تدفعون الوطن إلى الهاوية؟ ومن المستفيد؟ لماذا تُصرون على كبح جماح كل تيار حر مستقل؟ لمصلحة من تدفعون الشباب إلى الفوران؟! هل تظنون أنها هي الطريقة المثلى ليفقدوا الأمل في التغيير؟!

يا سادة إن مدبر الكون عليم خبير، وإن ما نقدره على غير ما يقدره خالق الأرض والسماء، وأنا لا أعفي بحال المواطنَ الذي استكان للظلم، ولم يدافع عن حقه، ولا أدعو إلى ثورة تحرق الأخضر واليابس، لكنني أدعو إلى العقل والحكمة، وإلى فضح المستور وكشف العُوَار، وإلى وقفة ضد ما حدث، والذي يعدُّ خطوةً في مسلسل التوريث المرتقب، فمصرنا ليست قطعة أثاث تورَّث، وحريتنا ليست مطروحةً على طاولة المزاد العلني.. أنا لا أعفي كل مواطن تقاعس عن المسئولية، وألوم في الوقت ذاته أولئك الذين يعتقدون- مخطئين- أنهم بابتعادهم عن الساحة إنما يسلمون.

وفي الواقع إننا ندفع ضريبة الذل والهوان والتفريط في حقوقنا، ولعل أوضحها ظهورًا الاستهانة بأصواتنا وما نريد، ولعلي هنا أُذَكِّرُ بما قالها الشهيد سيد قطب رحمه الله: "بعض النفوس الضعيفة يخيَّل إليها أن للكرامة ضريبةً باهظةً لا تطاق، فتختار الذل والمهانة هربًا من هذه التكاليف الثقال، فتعيش عيشةً تافهةً، رخيصةً، مفزعةً، قلقةً، تخاف من ظلها، وتَفْرَقُ من صداها، (يَحْسَبُوْنَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ) (المنافقون: من الآية 4).. (وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ) (البقرة: من الآية 96).

هؤلاء الأذلاَّء يؤدون ضريبةً أفدح من تكاليف الكرامة.. إنهم يؤدون ضريبة الذل كاملةً، يؤدونها من نفوسهم، ويؤدونها من أقدارهم، ويؤدونها من سمعتهم، ويؤدونها من اطمئنانهم، وكثيرًا ما يؤدونها من دمائهم وأموالهم وهم لا يشعرون" أ.هـ.

إننا اليوم ندفع ضريبة الجدران التي أدمنَّا السير بجوارها، والآذان التي أرعبتنا دهرًا حتى لا يُسْمَعُ صوتنا، اليوم تزوَّر الإرادةُ دون أدنى رادع، وتستباح الكرامة بوجه كالح، قاضٍ هنا يُحبَس، وداخلية هناك لا تنفِّذ أحكام القضاء، وأحكام هنا لا يقام لها وزن.

إنَّ الخائفين من صناديق الاقتراع ليسوا أهلاً لحمل الأمانة.. إن المزورين لإرادة الأمة هم العدو اللدود، وهم حجر عثرة أمام كل خطوة للتقدم، فكيف يؤتمن هؤلاء على إقرار الميزانيات، وسن القوانين، واعتماد الدساتير ووجودهم يتنافى مع الدستور، ويخرق القانون.. إنهم لا يحرقون فقط أوراق الزيتون، إنهم يشعلون الأرض تحت أقدامهم، ويؤججون النار في الهشيم.

ويبقى أن أقول لكل من تقدم لحمل الأمانة كما قال ربنا (وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴿139﴾) (آل عمران)

لا تحزنوا إن بذلتم الوسع ولم تروا ثمرة النتائج؛ فهذا قدر الله، احتسبوا كل وقت عند الله، واحتسبوا ضريبة الحرية عند الله، ولن يضيع سدى، وأقول للمتحمِّسين: إنَّ قدر الله غير ما نفكر، وإنَّ كل ما بذلتموه لن يضيع هباءً، ضمِّدوا الجراح، ويكفيكم أنكم قدمتم ما استطعتم والله لن يتركم أعمالكم، وأقول لمن سرقوا الإرادة وحموا المزورين: الدنيا أقصر مما تتخيَّلون، والوقوف بين يدي الله قريب، والحساب عند الله يكون لكل من اقترفت يده إثمًا وحده، لن يكون هناك واسطة، مهما طال العمر فهو قصير، ومهما كانت القوة فهي إلى خوار، إلى الله نشكوكم في يوم لا ينفع فيه ندم، وفي يوم لا تُرَدُّ فيه المظالم، وحسبنا الله ونعم الوكيل.