Saturday, August 16, 2008

Friday, August 8, 2008

شعبنا المكلوم !!



كتبت يوماً عن شعبنا المعجون بطينة الهم ، والمتمرغ في النكد ، لكنني مع هذا تعجبتُ كيف يسخر من الأهوال ، وكيف يتلقى الضرباتِ
بصبر يغيظ أحياناً ، وبسكوت يقهر أحياناً أخرى ، ولعلي أعتقد أن في هذا الشعب سراً ومقومات لايمتلكها غيره ، لقد تعاقبت على الشعب حكومات
ذاق منها الويلات ، واكتوى من تغيير السياسات ، طالت يد الحكومات المتعاقبة كل شيئ ، حتى أمتدت أيادي آثمة إلى لقمة عيشه
فقهرته في طلبها ، وأماتت الكثير تحت أقدام المتصارعين على طوابير الخبز ، وضيقت عليه المعاش حتى أصبحت الغالبية
العظمى من الشعب تعيش تحت خط الفقر، وتحكمت ثلة اندست في الشعب في قوته ورزقه ، بل و فيما يطعمه وفيما يشتربه
والشعب صامت وطال صمته ، إذا ضُرب على خد أدار الآخر ، وإذا تحدث تكممت الأفواه ، وإذا جرت مسرحية هزلية يسمونها الإنتخابات على أي مستوى
زُوِّرت إرادته وحُرِم من أن يقول كلمته فيمن يمثله، وهو صامت لا يتحرك ، تعجبت كثيراً من هذا الشعب الصابر عبر عقود من الزمان دون أن يزأر في وجه ظالم ، ودون أن يعلن
عن غضبته بإباء ولوكلفه ذلك أن يباد الشعب بأسره . يغلي كالمرجل ويكتم ولايظهر هذا ؟ لكن الأيام الماضية أظهرت عن بداية تكشيره لأنيابه ، لقد احتضر الخوف في قلوب
أبنائه لأنهم أدركوا أنه لم يعد يجدي ، إن استمرار ساسة التجويع والبحث عن لقمة العيش والاستهانة بأرواح البسطاء في آخر محطة برَّأ فيها القضاء ساحة من قتل مايزيد على الألف من
أولئك البسطاء الذين يكافحون من أجل لقمة العيش ستكون القشة التي قصمت ظهر البعير، فمازالت في الشعب بقايا من قيم كانت سبباً رئيساً لتحرره
إن كل طواغيت الدنيا تموت يوم تموت فتلاحقها دعوات المظلومين والمكلومين والمحرومين، فهم تعساء حتى في قبورهم
وهم مساكين حتى مع أنفسهم لأنهم لم يخلدوا ذكرهم واختاروا من الحياة أقصر طريق وأوهن وسيلة حين ظنوا أن الخلود فيها إنما يكون بالسلطان ، وحين توهموا
أن القوة إنما تكون بالعصا الغليظة وما دروا أن عصيهم مسكورة
بالأمس ودعت مصر علماً من اعلامها، ورمزاً من رموزها ولم تشر الجرائد القومية إلى وفاته ببنت شفه فيب وقت شيعه فيه الامثقفون ، والأحرار من هذا الوطن
مادحين له بعد موته وشاكرين له جهاده وهو الذي لم يتوان لحظة واحدة من أجل مصر، وارتضى أن يكون قافلة البسطاء
وهو الذي ارتدى زي الثراء ، والتحف يغطاء الوزراة ولم يلبث أن تركها ، ولو أرادها لكانت طوع أمره، ولم ينوه غلى وفاته
لا أدرى إلى متى نستخف بعقول الناس ، لقد سبقتنا افقر دول العالم في كل شيئ وتركوا لنا أطلال ماض نتحسر عليه ونبكي عليه
هل مات المجاهد إبراهيم شكري ولا بواكي له ؟
ولعلي تذكرت ذلك البيت المروع:
وما من كاتب إلا سيفنى
ويبقى العمر ما كتبت يداه
فلا تكتب بيدك غير شيئ
يسرك في القيامة أن تراه
بقد التقيت المجاهد رحمه الله تعالى منذ قرابة الستة أعوام في افطار حضره لفيف من قادة الفكر في الإسكندرية وكانت له كلمة
كان الرجل ثائراً على عادته، تتدفق وتجري في عروقه روح الشباب التى مافارقته حتى أفضى إلى ربه
أرجو الله في عليائه أن يفسح له في جنانه ، وأن يحشره مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً


د.إيهاب فؤاد