Sunday, September 20, 2009

يوم الجــــــــائزة

يوم الجائزة

أصل الكلمة
العيد: هو كل يوم فيه جمع، وأصل الكلمة من عاد يعود، قال ابن الأعرابي: سُمِّيَ العيد عيدًا لأنه يعود كل سنة بفرحٍ مجدد.[1]. وعيد الفطر سمي كذلك لأن المسلمين يفطرون فيه بعد صيام رمضان.
عن أنس رضي الله عنه أن النبي لما قدم المدينة وجدهم يحتفلون بعيدين، فقال: كان لكم يومان تلعبون فيهما، وقد أبدلكم الله بهما خيرا منهما، يوم الفطر، ويوم الأضحى } [رواه أبو داود والنسائي]. والعيد شعيرة من شعائر الإسلام ومظهر من أجل مظاهره.. قال تعالى: ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ [الحج:32.
ومن مشاهد السرور بالعيد بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم - ما فعله الحبشة ، حيث اجتمعوا في المسجد يرقصون بالدرق والحراب ، واجتمع معهم الصبيان حتى علت أصواتهم ، فسمعهم النبي - صلى الله عليه وسلم - فنظر إليهم ، ثم قال لعائشة : "يا حُمَيْراء أتحبين أن تنظري إليهم ، قالت : نعم ، فأقامها - صلى الله عليه وسلم - وراءه خدها على خده يسترها ، وهي تنظر إليهم ، والرسول - صلى الله عليه وسلم - يغريهم ، ويقول : دونكم يا بني أرفدة ، لتعلم يهود أن في ديننا فسحة ، إني بعثت بالحنيفية السمحة" .

لا تنغصوا فرحة العيد
إنني أعتب على أولئك الذين يستغلون مناسبة العيد لينكأوا جراح الأمة،وبدلاً من أن يدخلوا عليها السرور، يحولون فرحهم حزناً،وهذا ليس من باب الإحتفال بالعيد، فلماذا نعكر صفو يوم العيد،أما كفانا طوال العام ما نمر به من هم وغم ، ومحن وابتلاءات، فليكن العيد فرصة لنستشعر الفرحة، ولتعيش الأمة الفرحة التي أراد الله تعالى لها أن تعيشها في أيام العيد، ولعلى أذكر في هذا الموقف عروة بن الزبير رضي الله عنه ،قطعت رجل عروة بن الزبير ومات ولده فقال" اللهم إنك أخذت عضواً وأبقيت أعضاءً، وأخذت ابناً وأبقيت أبناء فلك الحمد، ونحن نقول: لئن حلت بنا محن فقد أبقى الله لنا منحاً، ولئن أصابتنا نقم فقد أبقى الله لنا نعماً " وإن تعدوا نعم الله لا تحصوها"،ذكر الدكتور عبدا لوهاب الناصر الطر يري معلقاً للعيد فرحة فلا تقتلوها ونحن أحوج ما نكون إلى أمل يدفع إلى عمل ، وفأل ينتج إنجازاً ، أما المهموم المحزون فهو غارق في آلامه ، متعثر في أحزانه ، مدفون في هموم يومه ، لا يرجو خيراً ولا يأتي بخير ، والله غالب على أمره ولكنّ أكثر الناس لا يعلمون أ.هـ. .
آداب العيد
التكبير: يشرع التكبير من بعد غروب الشمس ليلة العيد إلى صلاة العيد، قال الله تعالى: وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [البقرة:185]. وصفته: ( الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر ولله الحمد ) ويُسَن جهر الرجال به في المساجد والأسواق والبيوت إعلاناً بتعظيم الله وإظهاراً لعبادته وشكره.
روى ابن أبي شيبة بسنده عن الزهري. أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخرج يوم الفطر فيكبر حتى يأتي المصلى وحتى يقضي الصلاة، فإذا قضى الصلاة قطع التكبير، ) إسناده صحيح. وهو مرسل، وله شواهد يتقوى بها)..
ثانياً: الاغتسال والتطيب للرجال ولبس أحسن الثياب أما المرأة فيشرع لها الخروج إلى مصلى العيد بدون تبرج ولا تطيب، وأن تتجنب المرأة الاختلاط، وأن تحذر من أن تتعطر وهى خارجة لتصلى العيد.
ثالثاً: أكل تمرات: وترا ثلاث أو خمس قبل الذهاب إلى المصلى لفعل الرسول .
رابعاً: الصلاة مع المسلمين وحضور الخطبة: والذي رجحه المحققون من أهل العلم من شيخ الإسلام ابن تيمية، وغيره: أن صلاة العيد واجبة ولا تسقط إلا بعذر، والنساء يشهدن العيد مع المسلمين حتى الحيض، ويعتزل الحيض المصلى.
خامساً: مخالفة الطريق: يستحب الذهاب إلى مصلى العيد من طريق، والرجوع من طريق آخر لفعل النبي صلى الله عليه وسلم.
سادساً:العيد فرصة للتزاور وصلة الأرحام،وتبادل التهاني، والتصافي بين المتخاصمين.
العيد والمسلمون في أرجاء الأرض
هل نستشعر طعم العيد، وجراحات المسلمين تنزف،جراحهم مثخنة،وفى كل بيت نجد جرحاً غائراً، أوصال ممزقة، وأثواب مهلهلة، وكلمة متفرقة،ودماء فى كل مكان، وفقراء هنا وهناك، ومرضى هنا وهناك، وجوعى هنا وهناك،يأتي العيد على نساء ترملن، وأطفالٍ يُتِموا، فهل نشعر بهم، ونمسح على رءوسهم ونذكرهم ونحن نقبل أبناءنا، ونهنئ أحبابنا؟ إننا في حاجة إلى أن يجتمع الصف، وتتوحد الكلمة، وكما يجمعنا العيد،تجمعنا إخوة الدين، والعرق، والدم، وتعيش الأمة من أقصاها إلى أدناها مشاعر واحدة، وأفراحاً واحدة، وهموماً واحدة ولقد وصف أحدهم قدوم العيد فنكأ الجراح قائلاً

عِيدٌ بأية حالٍ عُدتَ ياعيد ....... بأدمع القهر أم للموت تهديدُ
أم يحمل الليل في أثوابه كفناً ......أم يطبقُ التربَ فوقَ الهامِ تلبيدُ
أم يحشرُ الناسَ بؤسٌ فى جنازتنا .....وبملأ الكون بالآهات تعديدُ
تدمي القلوب فما تنفك راعفة .......فى كلِ حينٍ لها بالقرْحِ تجديدُ
كيفَ السبيلُ إلى الأفراحِ فى وطنٍ .......يزداد بؤساً إذا ما أقبل العيدُ
وكيف نعشق بعد اليوم أغنيةً .......وكيفَ تحلو لنا بعـدُ الأناشيـدُ
ويشربُ الناسُ فى أعيادهم عسلاً .......وعندنا الصابُ في الأعياد محمودُ

متى نستشعر أننا أمة واحدة، إنْ لم نستشعر ذلك في رمضان، وفى الحج فمتى نستشعر؟ هل يكون رمضان بدايةً جديدة لأمة جديدة، أمة على قلب رجل واحد، يجمعها دينٌ واحد، وتجمعها قِبلةٌ واحدة، ويعبدون جميعاً الله الواحد ،حين نستشعر ذلك تعود الأمة إلى سالف مجدها، وسابق عزها ، ساعتها نستشعر العيد، وفرحة العيد، ويوم العيد .
ويوم يأتي العيد نكون قد كسرنا حاجز النفس وسلطانها، وحاجز الشهوة وإغرائها، ساعتها يكون عيدنا حقيقياً، رحم الله بن القيم حين قال:
في النفس كبر إبليس، وحسد قابيل، وعتو عاد، وطغيان ثمود، وجرأة نمرود، واستطالة فرعون، وبغي قارون، وقحة هامان..
قال بعض السلف : خلق الله الملائكة عقولاً بلا شهوة ، وخلق البهائم شهوة بلا عقول، وخلق ابن آدم وركَّبَ فيه العقل والشهوة ، فمن غلب عقله شهوته التحق بالملائكة ، ومن غلبت شهوته عقله التحق بالبهائم أ.هـ.
حين تغلب عقولُنا شهواتِنا نستشعر معنى العيد، ونستشعر إخواننا في شتى بقاع الأرض ولعل رمضان كان منحة ربانية تغلبت فيه العقول على الشهوة فهذبتها،وروَّضتها....
الست من شوال
يستحب البدء بصيام الست من شوال بعد العيد مباشرة ؛ لأن ذلك من باب المسارعة إلى الخير . قال تعالى ( وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) آل عمران
قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: {من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر} [رواه مسلم وغيره]. قال الإمام النووي - رحمه الله -: قال العلماء: (وإنما كان كصيام الدهر، لأن الحسنة بعشر أمثالها، فرمضان بعشرة أشهر، والستة بشهرين..).
ونقل الحافظ ابن رجب عن ابن المبارك: (قيل: صيامها من شوال يلتحق بصيام رمضان في الفضل، فيكون له أجر صيام الدهر فرضاً).
قيل لبشر الحافي - رحمه الله -: إن قوماً يتعبدون ويجتهدون في رمضان. فقال: (بئس القوم قوم لا يعرفون لله حقاً إلا في شهر رمضان، إن الصالح الذي يتعبد ويجتهد السنة كلها).

تذكر أن تتعلم في يوم العيد حسن الدعوة التي تؤلف القلوب، وتعبِّد الناس لله رب العالمين، كن لينَ الطبع، رقيقَ القلب، أواباً، تواباً، ولله در القائل

بحسن الوعظ تمتلك القلوب***وصخر الطبع من لين يذوب
فقل للمسرفين ألا رجعتم *** فإن الله يقبل من يتوب
ورحمته لأوسع من خيال***ولو كثرت من العبد الذنوب

د.إيهاب فؤاد


[1] لسان العرب 3-319

Thursday, September 17, 2009

دمــــــــوع الرحــــيل



أيها الراحل مهلاً قد أثرت النفس بكريم خصالك، أيها الذاهب إلى رب ليكون شاهداً ترفق،وتمهل، توشك القلوب أن تنخلع لفراقك،ويوشك الألم أن يقطع نياط القلوب،كم عهدناك طريقاً للخلاص والتحرر من قيد الذنوب،أيها الراحل رفقاً بقلوب هدَّها شوق إلى رب كريم، كم أسلنا العين،واغتسلنا من خطايا الآثمين، إنني اليوم أناجى و بعزم لا يلين،ما أقسى مرارة فراقك،ما أقسى ألم البعد،اعلم أنَّ ما مضى لن يعود، وأنَّ كل ساعة للخير فيك لن تعود، آه ما أقسى فراق الأحبة،وما أشد جروح النفس،إنها لحظات ثم يؤذِّن مؤذنٌ بالرحيل، اسكبوا العبرات يا خير العباد على ضيف أتانا كالنسيم،ومضى كالنسيم، يا حبيباً علَّمنا خير الخصال، كيف لنا أن ننسى ساعات الخير ولحظات الفيض الرباني بفراقك،أنت اليوم تودعنا، ونحن سنبكيك ما دمنا على العهد ما بدلنا،انفضَّ سوقُك ، وربح من ربح ، وخسر من خسر،غداً تبكيك التراويح، وتبكيك التسابيح، وتبكيك عيون القاتمين في جوف الليل ، بين قائم ، وراكع ، وساجد،غداً تبكيك مآذننا، و تنعيك أيام البر والإحسان، والخير والإكرام،غداً تستوحش المساجد زوارها،وتنادى الأرض من عمروها بسجود،غداً يبكيك الأرحام الذين استشعروا قيمة أن يوصلوا فيك ، غداً يشرق يوم جديد، وشهر جديد وتكون قد مضيت إلى ربك بأعمال العباد..
غداً يبكيك المساكين والفقراء وأبناء السبيل ...
غداً تبكيك صدقات، وزكاوات ادخرها العباد فيك ....
هل تكون شاهداً لنا أم علينا يا رمضان ؟؟
هل سيطول بنا المقام لندركك فى العام المقبل، أم سيكون الثرى قد وارى أجسادنا، والغربة قد أحاطتنا بعدما فارقنا الأهل والأحباب ؟؟
هل سنرتِّل القرآن كما رتلناه فيك ؟
هل سنصل الأرحام كما وصلناهم فيك ؟
هل سنداوم على القيام كما كنا فيك ؟
هل سنهذب أخلاقنا كما كنا فيك ؟
هل ستبكى علينا كما نبكيك ؟؟
حين ودعتنا ودَّعنا فيك الأب الحنون، والأمَّ الرءوم، والابن البار،حين جئتنا كنا كشياه شاردة في ليالي شتاء مظلمة ، فجمعتنا بعد فرقة،وقويت عزائمنا بعد ضعف وخور،كم تنادت المآذن، كم رتَّلَ فيك المرتلون، وكم تهجد فيك المتهجدون في الخلوات، فإلى لقاء يا حبيب إن كان في العمر بقية، إلى لقاء يا حبيب إذا شاء الله تعالى وأراد، لكن تُرى هل سنبقى على العهد أوفياء ؟
لقد تركتنا يا حبيباً طرق أبوابنا فملأ الكون خيراً وبركة، لكن هل يا ترى ستكونُ شاهداً لنا أم علينا ؟ لقد رحل رمضان ولن تسقط من الذاكرة تلك المناظر التي كان شاهداً عليها، الأوابين، والقائمين ، والراكعين، والساجدين، والتائبين، والمستغفرين، ومناظر أولئك الذين ضيَّعوا أغلى الساعات أمام التلفاز والفضائيات، وتباروا في تضييع أوقاتهم، فقلبوا نهارهم ليلاً هروباً من عضة الجوع، وقلبوا ليلهم نهاراً، أمضوه في السمر، والسهر، رحلت عنا بعد أن أدميت قلوبنا، ويبقى عزاؤنا أن نكون على العهد أوفياء، لعلنا لا نلقاك فنؤجر بنيتنا
.

Monday, September 14, 2009

إذا لم تستح فاصنع ما شئت


إذا اسدى أحدنا إلى واحد من الخلق معروفاً يرتدي ثوب الحياء منه، وربما لا يرفع رأسه خجلاً كلما قابله،هذا سلوك من يقدرون المعروف ولا يجحدون، ومن يشكرون الناس من باب شكرهم لله، أما من ينصبون أنفسهم قضاة على الناس، وأمناء على الخلق فوقفتهم بين يدي الله طويلة حتى يخرجوا مما قالوا، قد يقولوا كلاما لو مزج بماء البحر لغيَّر لونه ورغم أن الحياء من أجمل ما يتحلى به المؤمن، ولقد كان الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم أشد حياء من العروس في خدرها، لكن هناك نوع من الحياء هو أولى درجات الإنكسار، إنه حياء الخلق من الخلق، فمابالنا بحياء الخلق من الخالق الذى يهب بلا حساب، ويعطي على كثرة الذنب،

يُروى عن الأسود بن يزيد النخعي أنه كان مجتهدًا في العبادة، يصوم حتى يخضر جسده ويصفر، وكان علقمة بن قيس يقول له: ويحك، لمَ

تعذب هذا الجسد؟ قال: راحة هذا الجسد أريد، إن الأمر جِدٌّ، إن الأمر جِدٌّ، فلما احتضر بكى، فقيل له: ما هذا الجزع؟ فقال: ما لي لا أجزع، ومَنْ أحق بذلك مني؟ والله لو أُتيتُ بالمغفرة من الله عزَّ وجلَّ لهمَّني الحياء منه مما قد صنعته، إن الرجل ليكون بينه وبين الرجل الذنب الصغير فيعفو عنه، فلا يزال مستحيًا منه.

ما بال قلوب الكثير من الناس جاحدة، تجحد الناس، وتجحد رب الناس، إنَّ الذي لا يحمد الناس لا يحمد الله، ومن لا يشكر الناس، لا يشكر رب الناس، مابالنا قد استطالت هاماتنا على بعضنا البعض، ونصَّبنا أنفسنا قضاة، نحكم بصلاح هذا، ونحكم بطلاح ذاك، نحكم بصدق هذا، ونقضي بكذب ذاك، نكشف ستر القلوب، فنرمي هذا بالنفاق، ونوغل في عرض ذاك بالرياء، وعوراتنا لا يواريها سوى ثوب رقيق لا يستر ولا يقي، إن فتشنا في عيوبنا ربما شغلنا ذلك عن عيوب غيرنا، قد نلقى الناس بوجه أبي بكر وبين الضلوع قلب أبي جهل والكارثة أننا ربما لاندري، إن ظننا أن عيوننا تكشف ستر الآخرين، فالآخرون يغضون عيونهم عنكم تعففا


إذا شئت أن تحيا سليما من الأذى ....... وحظك موفور وعرضـــك صيــن

لسانك لاتدكر به عورة إمريء .......... فكلك عورات وللناس ألسن

و عينــك إن أبـدت إليــك معـايبــا .......... فصنها وقل ياعين للناس أعين

و عاشر بمعروف و سامح من اعتدى .... ودافع و لكن بالتي هي أحسن

كفانا ماكان، ولنفتش في عيوبنا فلسنا ملائكة،فإنَّ نزع الحياء مهلكة للعبد ولعل ماقاله سيدنا سلمان الفارسي رضي الله عنه يكون رادعاً، قال : ( إن الله إذا أراد بعبدٍ هلاكاً نزع منه الحياء , فإذا نزع منه الحياء لم تلقه إلا مَقيتاً مُمَقَّتاً , فإذا كان مَقيتاً مُمَقَّتاً نزع منه الأمانة فلم تقله إلا خائناً مُخَوَّناً , فإذا كان خائناً مخوناً نزع منه الرحمة فلم تلقه إلا فظاً غليظاً , فإذا كان فظاً غليظاً نزع ربقة الإيمان من عنقه , فإذا نزع ربقة الإيمان من عنقه لم تلقه إلا شيطاناً لعيناً ملعناً.أ.هـ

هل نعيد للبحر جريانه ، وللسماء صفاءها،وللنفس هيبتها، وللبهاء حُلَّته ؟

هل تستقيم نفوسنا وتستو فطرتنا، ام نكابر ونحصد شر ألسنتنا في الدنيا والآخرة، قال صلى الله عليه وسلم لمعاذ رضي الله عنه حين سأله،أإنا لمؤاخذون بما نقول يارسول الله؟ قال صلى الله عليه وسلم، ثكلتك أمك يامعاذ، وهل يكب الناس على مناخرهم في النار إلا حصائد ألسنتهم" يارب سلِّم، يارب ارزقنا الحياء وحفظ الرأس وماوعى ، والبطن وماحوى، ونق سرائرنا مما علُقَ بها وأنعم علينا بنفوس مطمئنة، تسلك بقضائك، وترضى بعطائك، وتشكر نعماءك،، وتحتسب عندك جل أمورها، دقها وعظيمها، صغيرها، وكبيرها

اللهم ارزقنا أعيناً ترى عيوبها قبل عيوب غيرها، وتنظر في شأنها قبل أن تنظر في شأن غيرها، وتصلح نفسها قبل أن تدعو لإصلاح غيرها

Sunday, September 13, 2009

احفظ لسانك أيها المسكين

ذات يوم جلس الرسول صلى الله عليه وسلم مع أصحابه، فجاء رجل وشتم أبا بكر الصديق -رضي الله عنه- وآذاه، فسكت أبو بكر ولم يرُدَّ عليه، فشتمه الرجل مرة ثانية، فسكت أبو بكر، فشتمه مرة ثالثة فرد عليه أبو بكر، فقام صلى الله عليه وسلم من المجلس وتركهم، فقام خلفه أبو بكر يسأله: هل غضبتَ علي يا رسول الله فقمتَ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (نزل مَلَك من السماء يكذِّبه بما قال لك، فلما انتصرتَ (أي رددتَ عليه) وقع الشيطان (أي: حضر)، فلم أكن لأجلس إذ وقع الشيطان [أبو داود
كانت السيدة عائشة -رضي الله عنها- تجلس مع النبي صلى الله عليه وسلم، فأقبلت عليهما أم المؤمنين السيدة صفية بنت حُيَي -رضي الله عنها-، فقالت السيدة عائشة للنبي صلى الله عليه وسلم: حسبك من صفية كذا وكذا -تعني أنها قصيرة-، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: (لقد قلتِ كلمة لو مُزِجَتْ بماء البحر لمـَزَجَتْهُ (عكَّرته). [أبو داود والترمذي]، أي أن تلك الكلمة قبيحة لدرجة أنها تُنْتِنُ ماء البحر لِقُبْحِها وسوئها.ما هو حفظ اللسان؟المقصود بحفظ اللسان، هو ألا يتحدث الإنسان إلا بخير، ويبتعد عن قبيح الكلام، وعن الغيبة والنميمة والفحش، وغير ذلك.والإنسان مسئول عن كل لفظ يخرج من فمه؛ حيث يسجله الله ويحاسبه عليه، يقول الله تعالى: {ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد} [ق: 18].وقال الله صلى الله عليه وسلم: (إذا أصبح ابن آدم فإن الأعضاء كلها تُكَفِّر اللسان (تذل له وتخضع) تقول: اتق الله فينا، فإنما نحن بك، فإن استقمتَ استقمنا، وإن اعوَجَجْتَ اعوَجَجْنَا) [الترمذي]. وقال الله صلى الله عليه وسلم: (لا يستقيمُ إيمان عبد حتى يستقيمَ قلبه، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه) [أحمد]. وقال ابن مسعود: والذي لا إله غيره، ما على ظهر الأرض شيء أحوج إلى طول سجن من لسان.
إن أعظم الجرم هو الجرأة على أعراض المسلمين ورميهم بما ليس فيهم، وقد اختص الله تعالى بعلمه لحال عباده
وقد يظن بعض الناس جهلاً أنهم حين يرمون المؤمنين أنهم يريحون أنفسهم، لكنها المغبة التي لا يعلم مداها إلا الله، وفي الأحاديث صحيحة السند،
قال صلى الله عليه وسلم
من حمى مؤمناً من منافقٍ بعث الله ملكاً يحمي لحمه يوم القيامة من نار جهنم، ومن رمى مسلماً بشيءٍ يُريد شَينَه به حبسَه الله على جسر جهنم حتى يخرجَ مما قال "
وفي الحديث الشريف:
يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه، لا تغتابوا المسلمين، ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من اتبع عوراتهم يتّبع اللهُ عورته، ومن يتبع الله عورته يفضحه في بيته
وأعظم الكلام كلام رب العالمين فهو سبحانه القائل
قال تعالى : ( وَ الَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَ إِثْمًا مُبِينًا ) [ الأحزاب : 58 ] .و المعنيّون بالوعيد في هذه الآية هم الذين يستطيلون في أعراض المسلمين ظلماً و عدواناً ( أي ينسبون إليهم ما هم برآء منه لم يعملوه و لم يفعلوه " فقد احتملوا بهتاناً و إثماً مبيناً " و هذا هو البَهت الكبير : أن يحكيَ أو ينقل عن المؤمنين و المؤمنات ما لم يفعلوه على سبيل العيب و التنقص لهم ) كما قال ابن كثيرٍ في تفسيره .و روى أبو داود في سننه و أحمد في مسنده بإسنادٍ صحيحٍ عَنْ ‏ ‏سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ ‏عَنْ النَّبِيِّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ ‏ ‏قَالَ ‏: ( ‏إِنَّ مِنْ ‏ أَرْبَى ‏ ‏الرِّبَا الاسْتِطَالَةَ ‏ ‏فِي عِرْضِ الْمُسْلِمِ بِغَيْرِ حَقٍّ ‏) .و المنهي عنه في هذا الحديث هو إطالة اللسان ‏ في عرض المسلم ؛ باحتقاره و الترفع عليه , و الوقيعة فيه بنحو قذفٍ أو سبٍ , و إنما يكون هذا أشد تحريماً من المراباة في الأموال لأن العرض أعز على النفس من المال ‏، كما قال أبو الطيب العظيم آبادي في
( عون المعبود ) .و لمّا كان القذف من أشنع الذنوب ، و أبلغها في الإضرار بالمقذوف و
الاساءة إليه ، كان التحذير منه في القرآن الكريم شديداً ، و مقروناً بما يردع الواقع فيه من العقوبة
شفى الله قلوبنا مما علق بها من أسقام، وهدانا إلى الجادة من الطريق .

Saturday, September 12, 2009

بيننا وبينكم الجنائز







في الصحيح أن جنازة مرت على الرسول صلى الله عليه وسلم وهو في نفر من أصحابه فيثني عليها الناس خيراً فيقول صلى الله عليه وسلم:



((وجبت)).
وتمر أخرى فيثني عليها الناس سوء فيقول صلى الله عليه وسلم:



((وجبت)).
فيتساءل الصحابة؟
فيقول صلى الله عليه وسلم: ((أثنيتم على الأولى بخير فوجبت لها الجنة، وعلى الثانية بسوء فوجبت لها النار،



أنتم شهداء الله في أرضه، أنتم شهداء الله في أرضه)).










أيها السادرون في غيكم، الناسون ليوم تقف فيه الخلائق بين يدي الله عز وجل



الجنائز خير شاهد على صدق الصادقين، وعلى خداع المخادعين



الآلاف تشيع جنازة الداعية المجاهد ولم يمنعها صيام أو حرارة جو



إنه يوم الوفاء لمن وهبوا للدعوة حياتهم



تعساء أهل البغي حين تشيعهم الدعوات، وسعداء أهل الله حين تشيعهم ألسنة الحق



فهم شهداء الله في أرضه





















Thursday, September 10, 2009

وترجل الفارس




وترجل الفارس في زمن دمُ المسلم فيه هدر، وبكاؤه من الألم نغم، لكنه كان رجلاً عرف غايته، لم تلِن له قناة، ولم يفت في عضده تكالب أنظمة الجور عليه، لم يعرف الضعف يوماً، ولم يرفع للاستسلام راية، كان بقيةً من زمن جميل، ارتشف فيه من رحيق الدعوة من نبع رقراق فياض، ترجل الفارس دون أن يتمكن منه ظالم، لقد تلاشى عن العيون يوم كان للجدران آذان تسمع في العصر الناصري، لم ينل منه عبد الناصر، ولم يخضع جبهته ولا هامته إلا لله الواحد الأحد، إنه رجل فذ، وقامة عالية في زمن كثر فيه الأقزام، لقد حرَّك نبأُ موته شجوني وأحزاني، وهيَّجَ سكون نفسي، كأنني به يحدثني يوم قال لي لم أبك في حياتي إلا مرة واحدة، فتعجبت ونحن الذين استمرأنا البكاء، وأدمنَّا العويل، متى كانت هذه المرة ؟ قال يوم قررت أن أخرج من مخبأي ، يومها استشعرت أن معية الله قد زالت، ساعتها سالت عيني بالدموع وأنا الذي تحجرت الدمعة في عيني يوم مات الإمام البنا ولم أستطع البكاء، إنه رجل لا يعرف إلا لغة العمل، أنقذ الإمام البنا من أكثر من محاولة اغتيال، ذبَّ عن دعوته وضحى في سبيلها بكل ما يمتلك، لقد كانت الدعوة رئته التي يتنفس بها، في سبيلها هان كلُ شيء، وبعد أن خرج الرجل للنور، قرر ألا يتزوج وأن يمضى عمره في محراب الدعوة، لكنه مع الإلحاح تزوج وهو بن الخمسين ورزق بأبناء نحسبهم بررة، قال يوم عقد قران ابني طلبوا مني أن القي كلمة، فنظرت إلى أشاوسة أمن الدولة وقلت للناس ، إن الجالسين وراءكم كانوا لا يريدون لي الحياة، قالوا لم نستطع أن نفعل معه شيئاً والآن يتزوج ابني، أراد عبد الناصر قتلي، فأين عبد الناصر الآن وأين أنا؟

لله درك يا أستاذ نا فــــرج

قد كنت في جيل الأستاذ رُبَّانا
طفتَ البوادي وأرضَ الله قاطبةً
وقُدتَ خير دعاةِ الأرضِِ إخوانا
تروى تراثاً لنا بالعز مكرمة
وتنشر الخير برهاناً وألوانا

إنها حياة لله، حمل في قلبه وذاكرته ذخائر ونفائس، ذاكرة حديدية حتى الممات، وتاريخ طويل من الدعوة جاب بها أقطار الأرض، يحمل في قلبه روحاً وثابة، وهمةً توقظ النيام.
عزاؤنا أيها الفقيد الغالي تلك التركة التي خلفتها من أبناء بررة، ومن أجيال شربت من معين تربيتكم الصافي..
عزاء للزوجة الصابرة، وللأبناء الفضلاء، وإلى حبيب قلبي ابنه إبراهيم..
اللهم اغفر لشيخنا وأسكنه فسيح جناتك وألحقه في الصالحين...

د.إيهاب فؤاد