Saturday, February 7, 2009

إن عدتم عدنا يابني صــهيون

إنَّ من نعم الله على أمة الإسلام أن جعل بين ظهرانيها كتابًا لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه؛ فيه خبر من كان قبلنا، ونبأ ما بعدنا. وحين تقرأ كتاب الله تعالى تأخذك آياته الكريمة إلى ملكوت الله، وإلى بيانه المعجز الذي يُحيِّر الأفهام، ويُعيي الألباب وأصحابها؛ لا تنقضي عجائبه، ولا يَخْلَقُ من كثرة الرد؛ فسبحانه ما أحكمه!، وما أعظمه!، فما وفَّيناه حقَّه.في أروقة الساسة تدور مؤامرة توحي بغدرٍ يكمن بين ثنايا اللقاءات المتتابعة، والتي تضغط على حكومة فلسطين الشرعية للقبول بهدنة تضيع على مائدتها دماء الشهداء، وأرواح الأبرياء دون ثمن يذكر؛ لتكون بعدها ذلك الفتيل الذي يُشعَل ليقلب الدنيا على رأس حماس؛ ساعتها سيقول المتربِّصون: وماذا جنت حماس؟! لقد كان التفاوض على هذه المبادئ موجودًا، وهي إذن لم تحصِّل شيئًا سوى مزيدٍ من التدمير والإبادة لشعبها، ويحاول الإعلام أن يوجِّه سهامه إليهم ليقبلوا بتهدئة مَشينة، وفي نفس الأثناء تهمس أصوات باحتمال اجتياح موسَّع لغزة ربما كان موعده قريبًا، وهذا ما يفسِّره استدعاء الأطقم الطبية والتحذيرات الرسمية لها.لقد نسي هؤلاء قول الله جل وعلا ﴿ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمْ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا (6) إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا (7) عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا (8)﴾ (الإسراء).لقد جاءت آيات الله المُعجِزة لتفضح أمر بني إسرائيل الذين أذاقهم الله ويلات الذل والقهر فعادوا إلى ربهم، وفي مقابل عودتهم كان استعلاء المنتصرين، وكان طغيانهم سببًا لأن يقتص الله للمغلوبين من الغالبين، ويمكِّن للمستضعفين في الأرض.لقد فضح الله أمرهم، وأشار إلى استحقاق التمكين حين التوبة والعودة إليه سبحانه، لكنَّ الواقع اليوم مغايرٌ لما عليه اليهود؛ لقد خرجوا من غزة صاغرين، تجرَّعوا مرارة الهزيمة، وحملوا أشلاء قتلاهم وواروا خذلانهم بخطابٍ مَهينٍ عارٍ من الصحة؛ صدَّره وزير دفاعهم بأنهم قد وجَّهوا إلى حماس ضربةً قاضيةً، فإذا كانت الضربة قاضية كما زعم الأفَّاك فلماذا يفكِّرون في العودة؟!لقد عادوا إلى الإفساد كما قال صاحب الظلال رحمه الله تعالى: "ولقد عادوا إلى الإفساد فسلَّط الله عليهم المسلمين فأخرجوهم من الجزيرة كلها، ثم عادوا إلى الإفساد فسلَّط عليهم عبادًا آخرين، حتى كان العصر الحديث فسلَّط عليهم "هتلر"، ولقد عادوا اليوم إلى الإفساد في صورة "إسرائيل" التي أذاقت العرب أصحاب الأرض الويلات، وليُسلِّطَنَّ الله عليهم من يسومهم سوء العذاب؛ تصديقًا لوعد الله القاطع، وفاقًا لسنته التي لا تتخلَّف، وإن غدًا لناظره قريب" ا هـ.إنَّ غدر اليهود ومكرهم يجري في دمائهم مجرى الدم من العروق؛ ما حفظوا يومًا عهدًا، وما أبرموا يومًا ميثاقًا، ولعلَّ ذلك رسالة إلى المجاهدين أن يقبضوا على الزناد وأن يكونوا على أهبة الاستعداد ولسان حالهم يقول: إنْ عدتم عدنا يا بني صهيون؛ فحرصنا على الموت كحرصكم على الحياة، وحبنا للشهادة كعبادتكم للمال والشهوات، ودفاعنا عن أرضنا أعظم من دفاعكم عن كيانكم المغتصب؛ فحربنا عقيدة، ودماؤنا ضريبة العز والتحرير والتمكين.ويبقى على الأمة دورٌ لا بد أن تلعبه هذه المرة وبقوة، وشعارها: وإن عدتم عدنا.. إن عدتم يا بني صهيون إلى غدركم، وإلى مهاجمة غزة خرجنا عن بكرة أبينا.. خرجنا هذه المرة لنفتح الحدود، ولنشق الصفوف، ولنكون جنبًا إلى جنب مع إخواننا؛ نمنعهم ما منعنا أبناءنا وأهلينا، ونذود عنهم ما ذدنا عن حياضنا؛ ففلسطين أرض كل المسلمين، وقضيتهم قضية كل المسلمين.. إن عدتم عدنا لنخاصم من خذل المقاومين، ولنجابه من شوَّهوا معالم الجهاد.واجبنا أن نوقظ النيام، وأن نهيِّئ الرأي العام لتلك المؤامرة التي يحاولون من خلالها استئصال شأفة المقاومة بعد أن فشلوا في المرحلة الأولى.مخطئٌ من ظنَّ أن المقاومة يمكن أن تخمد ثورتها.. واهمٌ من ظن أن الضغط يمكن أن يُمليَ الشروط.. إن المجاهدين الذين سطَّروا ملاحم العزة في معركة غزة قادرون- بإذن الله- على أن يدحروا اليهود؛ فالمعركة تقودها الملائكة، والله كفيل وحده بالدفاع عن الذين آمنوا وعلى نصرهم، قال سبحانه في محكم كتابه : ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ﴾ (الحج: 39).
د.إيهاب فؤاد

No comments: