Sunday, January 25, 2009

إنهم فتيةٌ آمنوا بربهم


مازلت كغيري من المهتمين بواقع أمتنا ومحاولة تحليله للإستفادة من الواقع مبهوراً بتلك البطولات الأخاذة، وذلك الصمود الذي أبهر الدنيا كلها، وفي نفس الوقت ذلك العار الذي يطارد وسيلاحق المنادين به حتى في قبورهم، لقد بهرني ثبات أولئك الفتية الذين سطروا صفحات من نور في سجل الجهاد، وأيقظوا تلك الفريضة الغائبة والتي كنا نتناولها على استحياء ووجل، خوفاً من البطش والتنكيل والإرهاب، والتهم المفبركة لتلصق بكل حر أبي، لم تكن منظومة النصر التي عزفتها المقاومة في غزة العزة سوى نبت طيب لأمة لا ينضب فيها معين الخير، ولا تُعدَم الرجال الأشداء الذين يذبون عن دينهم ويدافعون عن كرامتهم مهما كان الثمن، ولا تُعدَم أولئك الأطفال الذين ولِدوا عمالقةً في زمن الخنوع، وأباةً في زمن الذل، وأعزاءَ في زمن التنازلات،لم يكن غريباً أن يتحدث الأطفال كأعظم الرجال ليعزفوا سيمفونية الثبات، ولعلني لا أنسي تلك الطفلة التي أبكت وائل الدحدوح على شاشة الجزيرة وهي تحكي عن المجازر والمآسي، وأشلاء الشهداء التي تناثرت أمامها واستشهاد ذويها، ورغم هذا تقول بكل ثبات، لن نترك أرضنا، نعيش هنا، ونموت هنا، فهنا أرض المحشر والمنشر، فبكى كما بكت معه الملايين التي شاطرت العمالقة الأفراح والـأتراح، لقد صنع التاريخَ فتيةٌ آمنوا بربهم، اتخذوا من كتاب الله مؤنساً ومعيناً، ومن قيام الليل زاداً يستجلبون به رحمات الله وغفرانه، تحللوا من الدنيا، فكانت الآخرة جُلَّ همهم، ولم يخدعهم شبابٌ، ولا قوةٌ ولا فتوةُ، لقد جعلوها لله في زمن يعربد فيه أقرانُهم، ويقضون أوقاتهم بين المعاكسات، والمسامرات،والعلاقات العاطفية، جيلٌ رباني، آمن بالله رباً فقاده إيمانه إلى المعجزات، واتخذ من رسوله قدوة فأنارت لهم الطريق، ومن كتاب الله هادياً ومرشداً ودليلاً، فكان نعمَ الصاحب في الدُلَجِ، لله درهم،لقد ثبتوا ثباتاً راساخاً بنفوس مطمئة إلى الحق الذي عرفت،فهو دليلهم إلى الحق الذي عرفوا، وله في نفوسهم سلطان يملك عليهم زمام حياتهم، وفي نفس الوقت آلمني أقزام خرجوا من خباء النساء، يولولون ويتحسرون، ويرتمون في أحضان الإحتلال، يشوهون الجهاد، وينالون من المجاهدين ليسرقوا ثمرةَ الدم والعرق، لعل ألسنَتَهم قد سالت، ولعل لعابَهم قد نزل على أفواههم لرغبتهم الملحة في مزيد من الثراء على حساب وطنٍ مجروح، وشعبٍ مكلوم، والتاريخ كما أنه لا يرحم أحداً فمزابله مليئة بأمثال عبد ربه، ودحلان، ليس عجيباً أن ينعق الناعقون ليبحثوا لهم عن موضع قدم على قارعة الطريق لعل أحداً أن يذكرهم، في أحضان رام الله ترتمي سلطة المحتل التي كبَّلت المجاهدين، وأغلقت دون الإنتفاضة التضامنية في الضفة كل باب، يعلو الرويبضة ويتاورى الفرسان في زمن الأقزام، ولا يضر الشجر أن يرمى بحجر....
د.إيهاب فؤاد

No comments: