Saturday, March 13, 2010

قطرات الندى

ما أروع قطراتِ الندى التي تبلل الأزهار والأوراق والأشجار مع غيمة من تباريح الليل وفجر النهار كأنها حبات لؤلؤ أو كنقط من العنبر ، ما أجمل أن نستلهم من البكور الجمال ومن إطلالة الفجر سر السكينة والوداعة على ربوعنا المتخمة بما يؤرق سكونها فيجعلها تخوض عباب البحر ولجته حتى ترسو إلى شاطئ آمن وهانئ....لماذا نفكر فى الرحيل مع قطرات الندى وهى ملجأ الهائم الباحث عن الجمال على سجيته وطبيعته الأخاذة وعلى فطرته التي لم تمتد إليها أيد بسوء لتلوثها....ما أبلغ قطرات الندى حين تطل على مواكب المسافرين فتشعرهم أن طريق عودتهم قد مُهِّد وأن السبيل إلى الديار أصبح مفروشا بالورود والرياحين...أستلهم من قطرات الندى صفاء الروح وهدوء والنفس فيحيا في قلبي أمل أنه مازال في الكون ما نرقبه بقلوبنا قبل عيوننا وما يمكن أن نزفه بأرواحنا وأن نسقى به أرضنا المتعطشة إلى حبات من ثرى الوطن وإلى نسمة من هواء أتلهف إلى أن أستنشقه......لكنني أتساءل عن سر عن لون هذا الندى الموسميْ وعن تلك الجبال والذرى التي تنوء بحمل السفوح وعن كآبة الغيوم التي طالما أشعرتني بدفء الوطن، لماذا ينوح الندى فيبدو حزينا، لا يجد من يداعبه أو يحاكيه أو يبثه فيض خاطره وصميم مشاعره، مازلت أذكر جمال تلك الأيام الخوالي حين كنا نهز أوراق الزهور والأشجار مع تباشير الصباح وإطلالة الشمس في خلسة لتملأ الكون نورا وضياء، كم كانت تنزل قطرات الندى باردة وغضة طرية على أوراق عطشى فتبدل ذبولها إلى اخضرار وتحيل حزنها إلى بهجة تدخل الروح والقلب في عالم من فيض عطاء الله، مازلت أذكر قطرات الندى التي لم أرها منذ سنين غدت من طولها عجافا وأضحت من شوقي إليها ضربا من الخيال،ما أجمل قطرات الندى التي تلثم جراح الشوق إلى عزيز أصبحت لقياه كمن يحاول أن يمسك بخيوط الشمس أو يناطح السحاب أو يلتف بثوب من النجوم..هل ألوم الندى أم ألوم نفسي التي لم يعد في قوسها منزع ولم يعد في همتها قدرة على البعد عن ديار عزيزة غالية تذكرني رؤيتها بكل جميل في كون الله الفواح وفضائه الفسيح...آه يا حبات الندى هل أضحى لقاؤنا قريباً لنبدد قسوة الأيام في غربتنا ولنحيل الحياة بهجة ؟ حين تعود لقطرات الندى البهجة سيعود كل شيء إلى سابق عهده، ستصبح الفطرة سوية كما كانت وستغدو النفوس بريئة لا تحمل ضغينة ولا تبكى على دنيا وسيصبح شغلنا الشاغل أن نعيد الحياة إلى الأرض من جديد.....
د.إيهاب فؤاد

4 comments:

كلمات من نور said...

لا زالت قطرات الندى على الورود و وريقات الأشجار تبكي الغائبين سيدي ..غائبين تغربوا عن بلادهم بل وغرباء في بلادهم ....ولكن كلي إيمان أن نصر الله قريب ..أسأل الله أن غيرنا فننصره حتى ينصرنا ويثبت أقدامنا ....تحياتي دكتور إيهاب دوما كلماتك تنساب كقطرات الندى في قلوبنا

كلمات من نور said...

دكتور إيهاب

عايزنك معانا

http://mhg1962.ba7r.org/forum.htm

د.إيهاب فؤاد said...

إن الكلمات لا يكون لها صدى إلا إذا وجدت أرضاً خصبة تنمو فيها
بدعواتكم ترتقي كلماتنا
وتتألق
بارك الله مروركم الكريم
وتشجيعكم الحثيث

د.إيهاب فؤاد said...

يسعدني المشاركة بين الحين والآخر، وعلى مسافات متباعدة تلبية لندائكم