Sunday, September 20, 2009

يوم الجــــــــائزة

يوم الجائزة

أصل الكلمة
العيد: هو كل يوم فيه جمع، وأصل الكلمة من عاد يعود، قال ابن الأعرابي: سُمِّيَ العيد عيدًا لأنه يعود كل سنة بفرحٍ مجدد.[1]. وعيد الفطر سمي كذلك لأن المسلمين يفطرون فيه بعد صيام رمضان.
عن أنس رضي الله عنه أن النبي لما قدم المدينة وجدهم يحتفلون بعيدين، فقال: كان لكم يومان تلعبون فيهما، وقد أبدلكم الله بهما خيرا منهما، يوم الفطر، ويوم الأضحى } [رواه أبو داود والنسائي]. والعيد شعيرة من شعائر الإسلام ومظهر من أجل مظاهره.. قال تعالى: ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ [الحج:32.
ومن مشاهد السرور بالعيد بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم - ما فعله الحبشة ، حيث اجتمعوا في المسجد يرقصون بالدرق والحراب ، واجتمع معهم الصبيان حتى علت أصواتهم ، فسمعهم النبي - صلى الله عليه وسلم - فنظر إليهم ، ثم قال لعائشة : "يا حُمَيْراء أتحبين أن تنظري إليهم ، قالت : نعم ، فأقامها - صلى الله عليه وسلم - وراءه خدها على خده يسترها ، وهي تنظر إليهم ، والرسول - صلى الله عليه وسلم - يغريهم ، ويقول : دونكم يا بني أرفدة ، لتعلم يهود أن في ديننا فسحة ، إني بعثت بالحنيفية السمحة" .

لا تنغصوا فرحة العيد
إنني أعتب على أولئك الذين يستغلون مناسبة العيد لينكأوا جراح الأمة،وبدلاً من أن يدخلوا عليها السرور، يحولون فرحهم حزناً،وهذا ليس من باب الإحتفال بالعيد، فلماذا نعكر صفو يوم العيد،أما كفانا طوال العام ما نمر به من هم وغم ، ومحن وابتلاءات، فليكن العيد فرصة لنستشعر الفرحة، ولتعيش الأمة الفرحة التي أراد الله تعالى لها أن تعيشها في أيام العيد، ولعلى أذكر في هذا الموقف عروة بن الزبير رضي الله عنه ،قطعت رجل عروة بن الزبير ومات ولده فقال" اللهم إنك أخذت عضواً وأبقيت أعضاءً، وأخذت ابناً وأبقيت أبناء فلك الحمد، ونحن نقول: لئن حلت بنا محن فقد أبقى الله لنا منحاً، ولئن أصابتنا نقم فقد أبقى الله لنا نعماً " وإن تعدوا نعم الله لا تحصوها"،ذكر الدكتور عبدا لوهاب الناصر الطر يري معلقاً للعيد فرحة فلا تقتلوها ونحن أحوج ما نكون إلى أمل يدفع إلى عمل ، وفأل ينتج إنجازاً ، أما المهموم المحزون فهو غارق في آلامه ، متعثر في أحزانه ، مدفون في هموم يومه ، لا يرجو خيراً ولا يأتي بخير ، والله غالب على أمره ولكنّ أكثر الناس لا يعلمون أ.هـ. .
آداب العيد
التكبير: يشرع التكبير من بعد غروب الشمس ليلة العيد إلى صلاة العيد، قال الله تعالى: وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [البقرة:185]. وصفته: ( الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر ولله الحمد ) ويُسَن جهر الرجال به في المساجد والأسواق والبيوت إعلاناً بتعظيم الله وإظهاراً لعبادته وشكره.
روى ابن أبي شيبة بسنده عن الزهري. أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخرج يوم الفطر فيكبر حتى يأتي المصلى وحتى يقضي الصلاة، فإذا قضى الصلاة قطع التكبير، ) إسناده صحيح. وهو مرسل، وله شواهد يتقوى بها)..
ثانياً: الاغتسال والتطيب للرجال ولبس أحسن الثياب أما المرأة فيشرع لها الخروج إلى مصلى العيد بدون تبرج ولا تطيب، وأن تتجنب المرأة الاختلاط، وأن تحذر من أن تتعطر وهى خارجة لتصلى العيد.
ثالثاً: أكل تمرات: وترا ثلاث أو خمس قبل الذهاب إلى المصلى لفعل الرسول .
رابعاً: الصلاة مع المسلمين وحضور الخطبة: والذي رجحه المحققون من أهل العلم من شيخ الإسلام ابن تيمية، وغيره: أن صلاة العيد واجبة ولا تسقط إلا بعذر، والنساء يشهدن العيد مع المسلمين حتى الحيض، ويعتزل الحيض المصلى.
خامساً: مخالفة الطريق: يستحب الذهاب إلى مصلى العيد من طريق، والرجوع من طريق آخر لفعل النبي صلى الله عليه وسلم.
سادساً:العيد فرصة للتزاور وصلة الأرحام،وتبادل التهاني، والتصافي بين المتخاصمين.
العيد والمسلمون في أرجاء الأرض
هل نستشعر طعم العيد، وجراحات المسلمين تنزف،جراحهم مثخنة،وفى كل بيت نجد جرحاً غائراً، أوصال ممزقة، وأثواب مهلهلة، وكلمة متفرقة،ودماء فى كل مكان، وفقراء هنا وهناك، ومرضى هنا وهناك، وجوعى هنا وهناك،يأتي العيد على نساء ترملن، وأطفالٍ يُتِموا، فهل نشعر بهم، ونمسح على رءوسهم ونذكرهم ونحن نقبل أبناءنا، ونهنئ أحبابنا؟ إننا في حاجة إلى أن يجتمع الصف، وتتوحد الكلمة، وكما يجمعنا العيد،تجمعنا إخوة الدين، والعرق، والدم، وتعيش الأمة من أقصاها إلى أدناها مشاعر واحدة، وأفراحاً واحدة، وهموماً واحدة ولقد وصف أحدهم قدوم العيد فنكأ الجراح قائلاً

عِيدٌ بأية حالٍ عُدتَ ياعيد ....... بأدمع القهر أم للموت تهديدُ
أم يحمل الليل في أثوابه كفناً ......أم يطبقُ التربَ فوقَ الهامِ تلبيدُ
أم يحشرُ الناسَ بؤسٌ فى جنازتنا .....وبملأ الكون بالآهات تعديدُ
تدمي القلوب فما تنفك راعفة .......فى كلِ حينٍ لها بالقرْحِ تجديدُ
كيفَ السبيلُ إلى الأفراحِ فى وطنٍ .......يزداد بؤساً إذا ما أقبل العيدُ
وكيف نعشق بعد اليوم أغنيةً .......وكيفَ تحلو لنا بعـدُ الأناشيـدُ
ويشربُ الناسُ فى أعيادهم عسلاً .......وعندنا الصابُ في الأعياد محمودُ

متى نستشعر أننا أمة واحدة، إنْ لم نستشعر ذلك في رمضان، وفى الحج فمتى نستشعر؟ هل يكون رمضان بدايةً جديدة لأمة جديدة، أمة على قلب رجل واحد، يجمعها دينٌ واحد، وتجمعها قِبلةٌ واحدة، ويعبدون جميعاً الله الواحد ،حين نستشعر ذلك تعود الأمة إلى سالف مجدها، وسابق عزها ، ساعتها نستشعر العيد، وفرحة العيد، ويوم العيد .
ويوم يأتي العيد نكون قد كسرنا حاجز النفس وسلطانها، وحاجز الشهوة وإغرائها، ساعتها يكون عيدنا حقيقياً، رحم الله بن القيم حين قال:
في النفس كبر إبليس، وحسد قابيل، وعتو عاد، وطغيان ثمود، وجرأة نمرود، واستطالة فرعون، وبغي قارون، وقحة هامان..
قال بعض السلف : خلق الله الملائكة عقولاً بلا شهوة ، وخلق البهائم شهوة بلا عقول، وخلق ابن آدم وركَّبَ فيه العقل والشهوة ، فمن غلب عقله شهوته التحق بالملائكة ، ومن غلبت شهوته عقله التحق بالبهائم أ.هـ.
حين تغلب عقولُنا شهواتِنا نستشعر معنى العيد، ونستشعر إخواننا في شتى بقاع الأرض ولعل رمضان كان منحة ربانية تغلبت فيه العقول على الشهوة فهذبتها،وروَّضتها....
الست من شوال
يستحب البدء بصيام الست من شوال بعد العيد مباشرة ؛ لأن ذلك من باب المسارعة إلى الخير . قال تعالى ( وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) آل عمران
قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: {من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر} [رواه مسلم وغيره]. قال الإمام النووي - رحمه الله -: قال العلماء: (وإنما كان كصيام الدهر، لأن الحسنة بعشر أمثالها، فرمضان بعشرة أشهر، والستة بشهرين..).
ونقل الحافظ ابن رجب عن ابن المبارك: (قيل: صيامها من شوال يلتحق بصيام رمضان في الفضل، فيكون له أجر صيام الدهر فرضاً).
قيل لبشر الحافي - رحمه الله -: إن قوماً يتعبدون ويجتهدون في رمضان. فقال: (بئس القوم قوم لا يعرفون لله حقاً إلا في شهر رمضان، إن الصالح الذي يتعبد ويجتهد السنة كلها).

تذكر أن تتعلم في يوم العيد حسن الدعوة التي تؤلف القلوب، وتعبِّد الناس لله رب العالمين، كن لينَ الطبع، رقيقَ القلب، أواباً، تواباً، ولله در القائل

بحسن الوعظ تمتلك القلوب***وصخر الطبع من لين يذوب
فقل للمسرفين ألا رجعتم *** فإن الله يقبل من يتوب
ورحمته لأوسع من خيال***ولو كثرت من العبد الذنوب

د.إيهاب فؤاد


[1] لسان العرب 3-319

4 comments:

كلمات من نور said...

ربي يجعله عيد سعيد على أمة محمد آجمعين ويرزقنا الإيمان والصلاح والتقوى والثبات...بارك الله فيك يا دكتور إيهاب وكتب على يديك صلاح الكثيرون والكثيرات

د.إيهاب فؤاد said...

كل عام وأنت بخير
أعاد الله العيد علينا وعلى أمة الإسلام بالخير واليمن والبركات

Anonymous said...

اسأل الله العظيم رب العرش العظيم ان يتقبل منى ومنكم ومن سائر المسسلمين صالح الاعمال وان يغفر لنا تقصيرنا انه على كل شئ قدير

د.إيهاب فؤاد said...

كل عام وأنتم إلى الله أقرب وعلى طاعته أقدر