Friday, May 1, 2009

أوراق ذابلة وصياغة جديدة 2

أوراق ذابلة وصياغة جديدة 2

بقلم: د. إيهاب فؤاد

تحدثت في المقال السابق عن الأوراق الذابلة، وأخذت أطرح رؤيةً للتغيير، تبدأ بتغيير النفس؛ لأنه لا يمكن- بحالٍ من الأحوال- أن نغيِّر مَن حولنا دون أن نبدأ بتغيير أنفسنا، ثم أطرح اليوم جانبًا آخر من جوانب التغيير؛ ألا وهو: "تفعيل دور العلماء"؛ لأنهم رموز الأمة، وهم محطة التغيير التي لا يمكن أن يُتَجَاهل دورها، أو أن يُهمَل، وهناك ملامح مؤامرة على العلماء، تتمثل في تغييب دورهم، وعدم اجتماع كلمتهم، وهنا تكمن نقطة الضعف، ولعلي أذكر هنا ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية: "وهذا التفريق الذي حصل من الأمة، علمائها ومشايخها وأمرائها وكبرائها؛ هو الذي أوجب تسلط الأعداء عليها". اهـ.

لما ذُكر معروف الكرخي في مجلس الإمام أحمد، "فقال بعض من حضر: هو قصير العلم، فقال له أحمد: أمسكْ عافاك الله! وهل يراد من العلم إلا ما وصل إليه معروف؟"، ولعل صورة أخرى عظيمة تظهر من جانب العلماء، وتحدَّث عنها القرآن الكريم، ألا وهي صفة "الخشية"، والتي جعلها الله من أخصِّ صفاتهم، كما في قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾ (فاطر: من الآية 28)؛ ولذلك قال الإمام أحمد لابنه عبد الله، عندما سأله عن معروف: هل معه من العلم شيء؟ قال: معه رأس العلم: "الخشية".

إننا نريد من العلماء أن يقوموا بدورهم المنوط بهم في تغيير الأمة وإصلاحها، إننا نريد علماء ربانيين، يُصلحون ما أفسده الناس، لا يخافون في الله لومة لائم، يوجهون الأمة بالحسنى، ويردُّون الأمة إلى سابق عزِّها ومجدها، ولعلنا نذكر موقف العز بن عبد السلام حين أفتى ببيع الأمراء المماليك حتى تصحَّ ولايتهم؛ لقد كادوا له، وأراد والي مصر أن يحول بينه وبين الناس، فخرج العز بعد أن قال كلمة حق، وقبل خروجه أرادوا أن يقتلوه؛ فذهب أحد الأمراء إلى داره، وطرق بابه بقوة فخرج ابنه مفزوعًا، وقد رأى الشر في عينيه، وخاف على أبيه، فهدَّأَ من روعه، وقال: يا بني إن أباك أقل من أن يُقتل في سبيل الله، وخرج فلما رآه الأمير سقط السيف من يده.

لقد قصدت بعد تهيئة الأفراد إيمانيًّا أن أفعِّل دور العلماء؛ لأنهم أهل الثقة، وحين قُلت العلماء؛ إنما قصدت العلماء الربانيين العاملين الذين يخشون الله حق الخشية، ولا يخافون فيه لومة لائم.

ولكي يكون دورهم فاعلاً في المجتمع، فعليهم:
- تَبَنِّي الإصلاح والتغيير السلمي؛ لأن هذا هو الطريق، إنه وإن كان طويلاً، إلا أنه نهج واضح ومن ثوابت التغيير التي يمكن أن تمتدَّ رقعتها عن طريق العمل المجتمعي الذي يقوم على الانخراط في المجتمع.

- توجيه الأفراد نحو الإيجابية، والبعد عن السلبية الممقوتة التي لا تتفاعل مع قضايا المجتمع.

- النصح لقادة الأمة وحكامها بالرفق واللين، والبعد عن المداهنة والتملق؛ لأنه ليس من سمات العلماء الربانيين.

- توحيد الصف لمواجهة محاولات طمس الهوية الإسلامية، واجتماع كلمة العلماء؛ لأن هذا بدوره يؤدي إلى عودة هيبة العلماء؛ ليكونوا جبهة واحدة، وتأجيل الخلاف، وتكوين- أو لنقل- تفعيل جبهة العلماء.

- توحيد الخطاب، والاتفاق على آلية مرحلية للخطاب الموجَّه، وفتح منافذ وقنوات للتعبير عن الرؤى في التغيير.

- اعتماد منهج التربية للتغيير.

إنني كنت- ولا أزال- أرى أن من أهم الطرق لإعداد الأمة هو البناء التربوي التراكمي المؤصَّل، وعندما أطرح هذا الأصل، فإنني ألفت النظر إلى البناء التربوي التراكمي، فالمسلم ما دام حيًّا فهو يتلقى التربية حتى آخر لحظة في حياته، وهناك الكثيرون ممن يمَلُّون البطء في التغيير، ويسعون إلى تخطي هذه المراحل، فلسنا معهم بحال؛ إننا نتعامل مع نفوس بشرية تحتاج إلى صبر ورويَّة، وتحتاج إلى حكمة وحنكة؛ حتى يحقق المنهج التربوي مبتغاه.

أما المنادون بالتغيير بالقوة لأن سنوات التربية رغم طولها لم تفعل فعل السحر، وأن أثرها لا يكاد يُرى؛ فهم واهمون، لأنهم يحلِّقون بعيدًا عن الواقع، فإذا طال الأمد فإن الثمرة المرجوة تكون أطيب.. وللحديث بقية إن شاء الله تعالى.

1 comment:

ام البنات said...

استاذنا ومعلمنا الدكتور إيهاب ولا ازكيك على الله
خطوات رائعه واذا اتُبعت نجح الهدف
فقط اريد ان أقول شئ وليتك تسمح لى
كم عالم من العلماء الآن مثل العز
أو الحسن البصرى
والالقاب والمقامات محفوظه

علماء الدين الذين نحسبهم الآن على الدين
منهم المرتش..ومنهم المراوغ ومنهم المنافق للحكومه
ومنهم ومنهم

صدقنى يا استاذنا اشعر بحزن كلما تكشفت حقيقة أحدهم

اظن اننا يجب ان نربى علماء للاجيال القادمه ونبحث عن الصادق فى علماء هذا الزمان
لان حتى علماء هذا الزمان اصابهم ما اصاب البشر من آفات
ولكنهم أضل

اسأل الله الا يحرمنا من علمك وان ينفعنا وينفعك به
لاتنسى سلامى لعاشقة الشهاده
لم أقر الجزء السابق ان شاء الله سأقره