Wednesday, November 16, 2011

الفقيــــــــد الغالي





في كل عام تتجدد الأحزان وأنا أخطو في الحياة عاماً بعد عام
ذهبتَ في صمت دون أن القاك، لم أودعك ولعل آخر لقائي بك
يوم أقبلتُ عليك أودعك لظروف سفري، ما زلت أذكر نهر الدموع الذي انساب

على خدي ولم أكن أدري أنها دموع الفراق
لم أكن أعلم أن لقائي بك هو آخر العهد من الدنيا
آه يا أبي

!!!
تتابعت الأعوام، وتوالت ، شاب الرأس قبل المشيب،
تنقلتُ يا أبي في دهاليز الحياة بعدك وحيداً، أغرد في فضاء رحب، كلما من الله علي
بفضله وكرمه السياح أتذكر تلك البذرة التي بذرتها ثم رحلت عن الدنيا

دون أن ترى ثمرة ما زرعت
إنها إرادة الله الغالب، تفرقنا الأيام، ونطوي كل يوم صفحة من صفحات عمرنا
لقد شابَ ولدُك يا أبي، أصبح أبناؤه اليوم في عمري يوم تركتنا
كلهم يسألون عنك ، كيف كنت، كم تؤلمني كلماتهم وهم يقولون كيف كان جدنا يا أبي
وتهدُّ أوصالي كلماتُ زوجتي وهي تقول كنت أتمنى أن أرى ذلك الرجل الذي رباك وعلمك
آه يا أبي لو كانت تجدي الآه
أذكر يا أبي يوم كان الفقر يحيط بجنبات الناس منذ قرابة الثلاثين عاماً يوم قلت لي تعلم لغة تنفعك في حياتك، يومها أخرجت من جيبك مائة جنيه في وقت كان راتب الموظف فيه لا يتعدي الثلاثين جنيهاً، أذكر يا أبي يوم أهديت أطروحة الماجستير إلى روحك، إلي ذلك الأب الذي علمني كيف أكون شيئاً في الحياة
أذكر يا أبي أنني أهديت روحك درجة الدكتوراة لأنك بعد الله سبب في كل ما أنا فيه
لقد أصبح إيهابك الغض يا أبي رجلاً
أذكر يا أبي كرمك السياح، وكيف كانت الدنيا لا تمثل لك شيئاً، بل لعلي يا أبي أذكر يوم كتبتُ في رحيلك وأنا ابن الثامنة عشر من عمري

هكذا الدنيا صديق دون شك أو رياء

تأخذ الأحلام منا تأخذ العمر هباء
أبتاه في الدنيا جريح راح مني هكذا دون القاء
سائر في الدنيا تمضي لا تبالي بالعناء
آه يا لوعة الفراق، وأنين القلوب
تدمع العين، ويحزن القلب لكن عزاءنا أن الولد من سعي أبيه
أسأل الله يا أبتي أن يجعل لك مما نقدم في حياتنا الأجر والثواب عنده سبحانه
وأن نلقاك على الحوض غير مبدلين
رحمك الله يا أغلي الناس

إيـــهــــــاب فــــــؤاد

2 comments:

Anonymous said...

اقرا هذي السطور والدموع تسيل من على خدّي

كلمات خارجه من اعماق قلبك اثرت فيني
كثر

وانتا فخر لكل مصري وعربي بأخلاقك وعلمك الجم

تلاميذك /محمد الـصالح

د.إيهاب فؤاد said...

بوركت، وبورك مرورك
وفقك الله لما يحب ويرضى