Friday, October 2, 2009

وانطفأ المصــــــباح



سيطر عليَّ هاتفٌ أن أبحث عنه، أن أحادثه، غلبني شوق جارف لحبيب لم أره منذ ثلاث عشرة سنة !!
باعدتنا الأيام، تقلبنا على جمر الشوق، وامتطينا صهوة الكفاح، نصارع هنا، ونغالب الشوق هناك، كل قد خرج يطلب هدفاً ويأمل أن يحقق غاية، التقينا في مطلع التسعينات، جمعتنا أيام جميلة، كنا نمارس كرة القدم التي كان عاشقاً لها، وإذا ما فرغنا عدنا إلى حيث يجمعنا سكن جميل، ثم يحمل كل منا الكرة على رأسه ونتبارى في عدد المرات التي يمكن أن تستمر الكرة على الرأس دون أن تسقط، لقد كانت المرات بيننا سجال، مرة له ومرة لي، عرفته أخاً صادقاً وفياً، تعرضت يوماً لمحنة جعلت ضعاف النفوس الخائفين على أرزاقهم يخافون أن يلقوا عليَّ السلام، كان ساعتها جسوراً، شعر بما أشعر به من ألم الأصدقاء الذين يغيِّرون وجهةَ سيرهم حتى لا يقابلونني خوفاً على أرزاقهم، قال لي يومها دعك منهم، استضافني ثلاثة أيام وأقسم يومها أن أكون ضيفاً عليه حتى أغادر، زرته بعد عودتي، وتركتُ له كتابَ الله أغلى هدية وقد كتبت عليه سطوراً قليلة قلت له ستذكر كلامي يوماً، ومضت الأعوام، وتتابعت السنوات، قلتُ لماذا لا أتصل به، لقد انقطعت أخباره عني، وانقطعتُ عنه سنوات طويلة، حصلت على هاتفه عبر الشبكة العنكبوتية، رفعت السماعة زهرة صغيرة، فقلت لها الأستاذ مظهر موجود؟ تركت السماعة وسمعت صوتاً آخر يرد عليَّ، قلت لها هل هو موجود؟
قالت لا، قلت لها وأين هو؟ هل سيعود بعد قليل ؟ قالت لا، لقد توفي، فأسقط في يدي، قلت لها هل هذا بيت فلان؟ قالت نعم، قلت لها، أخوه فلان؟ قالت نعم، قلت لها أعتذر كثيراُ، قالت لقد توفي منذ عامين، فتألمتُ ألماً شديداً، وتركتُ الهاتف من يدي بعد أن قدَّمتُ اعتذراً ملؤه الأسى والحزن، لقد نكأتُ جراحها، لقد كانت زوجته
اعتذرت وأطرقت على الطاولة وأنا أتذكر شريطَ ما كان بيننا..
لقد ماتَ الحبيب مظهر، عن شبابه حدِّث ولا حرج، وعن لياقته البدنية حدِّث ولا حرج، وعن صحته حدِّث ولا حرج، لقد ما تَ الحبيب، لم أستطع أن أسأل عن سبب وفاته لشعوري أنني نكأت جرحا في قلب زوجة أسأل الله أن يرعاها وأن يرعى أبناءها، لكنه مات، وهكذا يموت كل شيء ، كل جميل في حياتنا سرعان ما ينقضي، كل جميل سرعان ما يمر مرور الكرام...
لهفة قلبي على الحبيب مظهر مصباح إبراهيم، ماخطر ببالي أن أتصل لأسأل عن حاله فيفجعني نبأُ موته، آه ما أقسى الحياة، وما أشدَّ ألم الفراق !!
أيها الموت !! يا مفرق الأحباب، ياهادم اللذات، ومفرق الجماعات، كم يصرعنا كل يوم نبأُ فقدِ حبيب
لقد ارتعدت فرائصي، مات الحبيب، صرخات تجلجل في جنبات نفسي، لوعة وحرقة في قلبي، مرارة في حلقي، ألم وغصة، وبين طيات الدموع التي سحَّت على وجنتي كانت الدعواتُ بأن يرحمه الله رحمة واسعة، وأن يسكنه فسيح جناته، وأن يبارك له في ذريته، اللهم إن كان محسناً فزد في إحسانه، وإن كان مسيئاً فتجاوز عن سيئاته
اللهم اجمعنا به في ظل عرشك ومستقر رحمتك، يارب ! أنت أرحم به من خلقك فارحمه رحمة لا يشقى بعدها، واسقه بيد حبيبك محمد شربة لا يظمأ بعدها.
رحمك الله رحمة واسعة....

4 comments:

كلمات من نور said...

لا إله إلا الله

لله الأمر من قبل ومن بعد سيدي الدكتور

إنها سنة الحياة سيدي

رزقه الله وموتانا قبور تكون لهم روضة من الرياض الجنة و أنار قبورهم ووسعها عليهم وغفر لنا يوم نصير إلى ما صاروا إليه

د.إيهاب فؤاد said...

أشكر مرورك الكريم ومتابعتك الدائمة
غفر الله لنا جميعاً

ابراهيم فرج النجار said...

استاذى الفاضل
هكذا تكون الحياااة
يوما تفرح وتحب وترضى
ويوما تحزن وتفارق وايضااا ترضى

لعلك بخير استاذى الحبيب
ولا تنسانى من الدعاء

د.إيهاب فؤاد said...

بارك الله مرورك ، حبيب وبن حبيب
أرجو أن تكون بخير إن شاء الله تعالى